محتويات المقال

الكاتب

د. إبراهيم الخميس

الرئيس التنفيذي

بواسطة د. إبراهيم الخميس,

2023/05/14 ,

9 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم

إذا كنت عضواً في مجلس نظارة أوقاف جامعة، أو رئيساً تنفيذياً لها، أو كنت مشرفاً على أوقاف الجامعة؛ فستساعدك هذه المقالة على فهم أمور جوهرية عن أوقاف الجامعات، وتلفت انتباهك إلى بعض الممارسات الخاطئة أو غير المثلى في إدارة وتنظيم أوقاف الجامعات، أرجو أن تكون بمثابة خارطة طريق لقيادة خطة إصلاح وتطوير للوقف الذي تنتمي إليه.

(1) أوقاف الجامعة شخصية اعتبارية مستقلة عن الجامعة

بعض أوقاف الجامعات تعاني تعثراً بسبب عدم قدرتها على الخروج من عباءة الجامعة، أي بسبب ارتباطها بالجامعة إدارياً ومالياً؛ فموظفوها على ملاك الجامعة، وقراراتها الاستراتيجية مرهونة بمجلس الجامعة، ومرجعية أمينها العام إلى رئيس الجامعة، وتمويل أنشطتها يعتمد بطريقة أو بأخرى على مخصصاتٍ لدى الجامعة، وتستخدم الأوقاف مقرات وأصول الجامعة. هذه الممارسة ترسخ تبعية أوقاف الجامعة للجامعة واعتمادها عليها، وبالتالي لا تستطيع أن تكبر ولا أن تستقل. وفي المقابل نجد أن بعض أوقاف الجامعات انطلقت بشكل مستقل واستطاعت أن تقوم بدورها الحقيقي فاضحت رافداً من روافد تمويل الجامعات، أي أن الجامعات تعتمد عليها وليس العكس.

من الطبيعي عند تأسيس أوقافها أن تخصص الجامعة حسابا بنكياً للوقف لاستقبال الهبات ودعم الأصول الوقفية، وقد تخصِّصه في مرحلة التأسيس أيضاً لتغطية تكاليف البناء والتطوير، كما أن استضافة الجامعة للوقف في مقراتها وتكليف بعض أعضاء هيئة التدريس أو الموظفين بالعمل في الوقف في بدايات التأسيس أمرٌ طبيعي ومؤقت ويجب أن يتم بناءً على طلب من الوقف وتعاقد بينه وبين الجامعة.

إلا أننا عند إطلاق الوقف الأول وتثبيته في وزارة العدل وأخذ رخصة له من الهيئة العامة للأوقاف نكون قد أسسنا كياناً جديداً له شخصيته الاعتبارية المستقلة عن الجامعة. وذمتُه المالية مستقلةٌ عنها، وله مقرٌ مستقل عن الجامعة قد يكون خارج أسوارها أو ربما في مدينة أخرى([1])، ويجب أن يضع مجلس النظارة خطةً تدريجية لتحويل الوقف من كونه عبئا على الجامعة إلى كيان داعم لها وممول لأنشطتها.

ومما يحسن التنبيه عليه أن أوقاف الجامعات لا تخضع لأنظمة الجامعة الداخلية ولا لتنظيماتها وقواعدها المالية والإدارية، ومجلس نظارة أوقاف الجامعة غير مرتبط تنظيمياً بمجلس الجامعة، والرئيس التنفيذي للوقف ليس له ارتباط إداري برئيس الجامعة، وتدار أمور الوقف المحاسبية وفقاً لمعايير الجهات غير الهادفة للربح وليس بناء على المعايير المحاسبية المعتمدة في القطاع الحكومي.

خلاصة الكلام: أوقاف الجامعة ليست جزءا من الجامعة ولا تابعة لها، إنما هي كيانات مستقلة، لها شخصيتها الاعتبارية وذمتها المالية المستقلة تحت إشراف الهيئة العامة للأوقاف، واستقلالها لا يعني أنها تغرد خارج سرب الجامعة، بل هي كيانات أُسِّست من أجل خدمة الجامعة وتحقيق استراتيجياتها وغاياتها وللجامعة حضور كبير في هيكل حوكمة أوقاف الجامعة كما سيأتي توضيحه.

(2)أوقاف الجامعات هي أوقاف متحدة

أوقاف متحدة، موحدة، مندمجة، جماعية.. دعونا لانقف عند المصطلح حيث لا يوجد حتى الآن اصطلاح متفق عليه عند المجمعات الفقهية لهذا النوع من الأوقاف، والذي نقصده بالأوقاف المتحدة في هذا السياق هي الأوقاف التي يوقفها أكثر من واقف على مصرف موحَّد أو مصارف متنوعة، وتنص وثائقها الوقفية على ارتباطها من جهة الإشراف والإدارة بوقف واحد؛ مثل: الأوقاف العائلية أو المناطقية وأوقاف الجامعات وأوقاف الجمعيات الخيرية.

أُفضِّل دائما استخدام مصطلح (أوقاف الجامعة) الذي يشير إلى أصولٍ وقفية متحدة في كيان وقفي واحد – وهي الممارسة المثلى – بخلاف مصطلح (الأوقاف الجامعية) الذي يدل على تعدد الكيانات من خلال تأسيس أوقاف جامعية مستقلة لكلٍّ منها وثيقةٌ مستقلة، غالباً ما تتماثل في الصيغة وتسمية أعضاء المجلس – وهي من الممارسات غير المثلى – لأننا في هذه الحالة يجب أن نتعامل مع كل وقف بشكل مستقل. وتكرارُ نفس الصيغة وتعيين نفس المجلس في هذه الأوقاف لا يحيلها إلى أوقاف متحدة.

الطريقة الصحيحة في تأسيس أوقاف الجامعة أن الجامعة تؤسس الوقف الأول وتطلق عليه (أوقاف جامعة “اسم الجامعة”) وتثبت في وثيقة الوقف الأول طريقة التعامل مع الأوقاف الملحقة ودور الواقفين للأوقاف الملحقة في هيكل حوكمة الوقف، ويوضع في الوثيقة كل التفاصيل الهامة لضبط حوكة الوقف([2])، ثم تعد الجامعة بعد ذلك نموذجاً موحَّداً للأوقاف الملحَقة، ثم تبدأ باستقطاب الواقفين، ولا يُلحَق الوقف الجديد بالوقف الأول إلا بناءً على خطاب من مجلس الجامعة بقبول الوقف وشروط الواقف، ثم يتقدم الواقف أو وكيله لدى جهة الاختصاص بإثبات الوقف الملحق بوقف الجامعة الأول يعيِّن فيها الأصل الموقوف ويحدِّد شرطه في المصرف (كأن يشترط أن المصرف على مكتبة الجامعة أو على المستشفى الجامعي أو مركز أبحاثٍ محدد أو على كلية محددة) ثم يذكر أن هذا الوقف من جهة إدارته ومجلس نظارته ملحقٌ بأوقاف الجامعة المثبتة بالوثيقة رقم كذا وتاريخ كذا.. وبهذه الوثيقة نؤسس لكيانٍ تابع لأوقاف الجامعة وتحت إشرافها وإدارتها، ويتعين على مجلس نظارة أوقاف الجامعة العناية بهذا الأصل الوقفي وتنميته والتعامل معه كأصل منفصل عن الأصول الوقفية الأخرى، فيعتني المجلس بنمو قيمته وتعظيم ريعه وإدارة مصارفه.

وثمة واقفون سيهبون الوقف الأول أعياناً نقدية أو عينية دون إعداد وثيقةٍ وقفيةٍ مستقلة لهذه الهبات، وتعتبر هذه الهبات أصولاً وقفية مملوكة للوقف الأول وتابعةً لشروطه، وهذه الطريقة أنسب في الأصول الوقفية الأقل حجماً، وهي مناسبة إذا كان الواقف لا يرغب في تحديد مصرفٍ محدد لوقفه.

وبإمكان الجامعات أن تبتكر مع أوقافها أدواتٍ للتمويل الجماعي تستهدف عامة الواقفين (مثل طلاب الجامعة ومنسوبيها والمجتمع المحيط بها) مع تحديدٍ أكثرَ شمولية لمجالات المنح. ونعمل الآن مع فريق متخصص لتصميم حلولٍ في التقنية المالية التي ستمنح أوقاف الجامعات – بإذن الله – نقلةً نوعية في استقطاب الأموال من الجمهور وإدارة الاستثمارات والمصارف باحترافية من خلال منصات وقفية خاصة بها، وقد وقفنا على تطبيقات ميدانية مشابهة لفكرة هذه المنصات في قطاعات أخرى وهي قابلة للتطبيق على أوقاف الجامعات.

(3)هيكل حوكمة الوقف يجب أن يركز على الواقفين والجامعة

في مقالات سابقة ([3]) ذكرنا أن الحوكمة جاءت لحماية حقوق “الأصيل” بالدرجة الأولى من فساد وإهمال “الوكيل”، وأن محور تركيز حوكمة الشركات في نموذج الحوكمة الأمريكي والبريطاني هو المساهم “الأصيل”، بينما نجد في ألمانيا مثلا أن الموظف هو محور تركيز الحوكمة، لذا نجد في هيكل الشركات الألمانية مجلساً إشرافياً هو الذي يتخذ القرارات الاستراتيجية ويعين مجلس الإدارة، ويشغل الموظفون ثلث مقاعد هذا المجلس بل تُخصَّص لهم نصف المقاعد في الشركات الكبيرة!.

في أوقاف الجامعات مَن يلعب دور “الأصيل”؟ ومن هو الطرف الذي يجب أن تركز الحوكمة على حفظ حقوقه؟

عندنا لاعبان رئيسيان يجب أن تتمحور الحوكمة حولهما: الواقفون (وهم بناة الأصول الوقفية)، والجامعة (وهي المستفيد الأول والرئيس من الأوقاف). ومن الأخطاء الشائعة في هياكل حوكمة الأوقاف أننا نُدخِل هذين الطرفين في مجلس النظارة فنحملهم مسؤولية إدارة الوقف، أي نجعلهما في موقف “الوكيل” المدير المساءَل، بينما كان من المفترض أن نقعدهما في مقعد “الأصيل” المراقِب المسائل.

والسؤال الذي لم أجد له إجابة حتى الآن: لماذا تعمد أوقاف الجامعات إلى تعيين رئيس الجامعة رئيساً لمجلس النظارة؟ حتى لو افترضنا جدلاً أن الجامعة تتعامل مع أوقافها كعمادة أو كلية تابعة للجامعة؛ أين شاهدنا أن رئيس الجامعة يتولى عمادة كلية من كلياتها؟ لماذا نقحم رئيس الجامعة في موقفٍ يكون فيه محلاً للمساءَلة بدلا من كونه هو المسائل؟!

ومن الممارسات الشائعة في الجامعات: استحداث وظيفة “مشرف أوقاف الجامعة” أو “أمين أوقاف الجامعة” وتكليف أحد أعضاء هيئة التدريس بهذه الوظيفة. وهذا الأمر مبرَّرٌ في مرحلة تأسيس الأوقاف، وتنتهي الحاجة لهذا المنصب بعد تأسيس الوقف وتكليف رئيسٍ تنفيذي له، ونفس الأمر في تكوين “المجلس التأسيسي لأوقاف الجامعة” والذي ينتهي دوره بعد تأسيس مجلس النظارة.

هيكل حوكمة الوقف الجامعي المثالي هو الذي يحقق للواقفين والجامعة “أصحاب المصلحة الرئيسيين” الطمأنينة باستدامة الوقف وتحقيقه للغرض الذي أسس من أجله من خلال منحهم حقَّ تعيينِ مجلس النظارة ومراقبته ومحاسبته، والموافقة على القرارات الاستثمارية المرتبطة بالأصول الوقفية الاستراتيجية، ويمكن تحقيق ذلك من خلال هيكلٍ يتكون من:

  • الجمعية العامة: دورها تعيين مجلس النظارة ومراقبته واعتماد القرارات الاستراتيجية المرتبطة بالأصول الوقفية، وتخصَّص بعض مقاعد الجمعية العامة للجامعة، وأخرى لكبار الواقفين، ومن الممكن تخصيصُ مقاعدَ محدودة لعامة الواقفين والمشتركين في دعم الوقف من منسوبي الجامعة.
  • مجلس النظارة: هو الهيئة الحاكمة للوقف، ويتم تعيين أعضاءه من الجمعية العامة ويتشكل المجلس غالباً من خبراء متنوعين في الاستثمار والعمل الخيري والحوكمة والمراجعة. وليس من مصلحة الوقف أن يشغل هذه المقاعد أكاديميون إلا إذا كان لديهم خبرات يحتاجها الوقف، وتحدِّد وثيقة الوقف آلية ترشيح أعضاء المجلس وآلية التعاقب.
  • اللجان الرئيسة في الوقف: يمكن إجمال اللجان التي نحتاجها في أربع لجان:
    • لجنة المراجعة: لضمان حماية الوقف من الفساد والإهمال.
    • لجنة الترشيحات والمكافآت: لضمان استقطاب الكفاءات واستقلاليتهم.
    • لجنة المنح: لحوكمة الصرف والتحقق من تنفيذ شروط الواقفين عند صرف غلة الوقف.
    • لجنة الاستثمار: وهي لجنة استشارية إشرافية تضع سياسات الاستثمار وتراقب تطبيقها.
  • الرئيس التنفيذي: قد يكون هذا المسمى أفضل من مسمى (الأمين العام) لأن بعض الأوقاف تخلط بين الأمين العام الذي يوازي الرئيس التنفيذي وبين أمين الوقف والذي يقوم بدور تنسيقي لمجلس النظارة. وفي كل الأحوال من المتوقع أن يُستقطَب للوقف رئيسٌ تنفيذي من القطاع الخاص وليس بالضرورة أن يكون خبيراً في الاستثمار لكن يجب أن يكون قادراً على فهم الأرقام الاستثمارية ولديه مهارات قيادية وقدرة على تصميم نموذج عملٍ يضمن للوقف التوسع والنمو.

ومن المتوقع أن يشارك ممثلون للجامعة في لجنة المنح لكن يجب أن تكون الأغلبية للمستقلين كي يضمن الوقف عدالة المنح وعظم أثره. أما بقية اللجان فليس لها علاقة بأعضاء هيئة التدريس لا من قريب ولا من بعيد، وإنما يجب أن يُستقطَب لهذه اللجان متخصصون وخبراء حسب المجال. وفي بعض الحالات قد لا يحتاج الوقف إلى لجنة الاستثمار للاكتفاء بلجنة الاستثمار ضمن هيكل الشركة الاستثمارية التابعة لأوقاف الجامعة. ومن الممارسات الجيدة في الأوقاف الصغيرة والناشئة تأسيس لجان للمراجعة والترشيحات والمكافآت تقوم بعمل مزدوج للوقف وللشركة المملوكة للوقف في نفس الوقت.

(4)أوقاف الجامعات هي كيانات مانحة

سبق أن أوضحنا في مقال سابق ([4])أن الأوقاف تنقسم من جهة المضمون الاقتصادي إلى قسمين:

  1. أوقاف الانتفاع المباشر: وهي أصول تنتِج خدمات استهلاكية مباشرة للغرض الموقوفة عليه (قد تكون عامة مثل: مدرسة، مستشفى، جسر، مضافة مسافرين، دار أيتام، أو خاصة مثل: مسكن ذرية)
  2. أوقاف استثمارية/ غير مباشرة: وهي أصول تستثمر في إنتاج سلع وخدمات مباحة شرعاً لتنفق عوائدها الصافية في أوجه البر العامة أو الخاصة.

مع إمكانية وجود أوقاف للجامعات من النوع الأول (مثلا: سكن الطلاب، مبنى للمكتبة، مستشفى جامعي..) إلا أن الغالب في أوقاف الجامعات أنها تؤسس من النوع الثاني (أوقاف استثمارية)، لذا يجب أن نراعي عدة أمور:

  • يقاس نجاح أوقاف الجامعات بناء على نمو قيمة الأصول والإيرادات.
  • يجب ألا تخلط أوقاف الجامعات بين هدف الاستثمار وهدف العائد الاجتماعي، فالأول هو المطلوب، ومن الخطأ أن ننظر إلى الأوقاف نظرة استثمار اجتماعي لأننا في هذه الحالة سنضحي بالنمو والأرباح.
  • يجب ألا تمارس أوقاف الجامعات أي نشاطٍ اجتماعي موجَّه للجامعة أو منسوبيها أو المجتمع المحيط كتنفيذ البرامج التدريبية والندوات وغير ذلك، وإذا كانت هذه الأنشطة من ضمن مصارف الأوقاف فكل ما عليها هو تقديم منح للجهة المختصة في الجامعة لتنفيذ هذه الأنشطة.

خلاصة الكلام: أوقاف الجامعة كيان مانح.. ليست جمعية خيرية ولا مركز نشاط اجتماعي.

(5)حوكمة الذراع الاستثماري

تحتاج أوقاف الجامعات إلى شركة لإدارة استثماراتها، وتكون هي المسؤولة عن إدارة أصولها، ونجاح أوقاف الجامعة مرهون بحوكمة وكفاءة هذه الشركة؛ لذا نوصي بشدة أن تكون الشركة الاستثمارية شركة مساهمة قابضة.

لماذا شركة مساهمة؟

  • كي نضمن مستوى حوكمةٍ عالٍ للشركة، وبهذا نحقق الأمان والنمو لأصول الوقف وحمايتها من الفساد والإهمال.
  • فصل الملكية عن الإدارة مفيد للوقف من جهة حوكمة استثمار الوقف كونه (أي الاستثمار) في شركةٍ لا يديرها الوقف مباشرة، وهي منضبطة بحوكمة وزارة التجارة، فيقتصر دور الوقف على وضع السياسات والاستراتيجيات الاستثمارية والرقابة عليها وتعيين أفضل الكفاءات في مجلس إدارة الشركة.
  • هذا الخيار مفيد للشركة من جهة مرونة واتخاذ القرارات الاستثمارية، والتي من طبيعتها المبادرة والسرعة، وهذا لا يعني أن تدير الشركة استثمارات الوقف بعيداً عن السياسات والضوابط التي اعتمدها مجلس النظارة، ولا أن تديرها بدون استراتيجية واضحة ومتفق عليها.

ولماذا قابضة؟

لما سبق ذكره في كون أوقاف الجامعات كيانات مانحة يقاس نجاحها بناء على تعظيم أصولها وريعها وضبط مصارف غلتها؛ وارتباطُ شركة أوقاف الجامعة بنشاط معين يقيد قدرتها على تعظيم أصولها وأرباحها، بخلاف شركة الأموال التي تدرس استراتيجيتها التسويقية بناء على محددات مالية واضحة. فمثلاً لو كان لأوقاف الجامعة شركةً تمارس نشاطاً تعليمياً أو صحياً داخل الجامعة أو خارجها، وهذا النشاط قد يدر أرباحاً في مرحلةٍ ما إلا أن مستقبله غير واعد، أو أن ثمة فرص تدر للشركة أرباحاً أفضل؛ ففي مثل هذه الحالات قد يتردد متخذو القرار في التخلي عن هذا النشاط خاصة عندما يستحضرون مبدأ الاستثمار الاجتماعي.

وبشكلٍ عام: تعتبر الجامعة والحرم الجامعي من أكبر الفرص الاستثمارية المتاحة لأوقاف الجامعة، والمفترض أن تتيح الجامعة للشركات التابعة للشركة الوقفية الاستثمار داخل الجامعة على الأقل في السنوات الأولى من تأسيس الوقف.

ختاماً.. نلخص هذه المقالة بخمس توصيات:

  1. يجب التعامل مع أوقاف الجامعة على أنها كيانات مانحة مستقلة عن الجامعة إدارياً وقانونياً ومالياً، وغرضها تمويل أنشطة الجامعة ومساندتها مادياً في تحقيق أهدافها.
  2. يجب المحافظة على وحدة أوقاف الجامعة في كيان قانوني واحد تلحق به كل أوقاف الجامعة.
  3. محور تركيز حوكمة أوقاف الجامعة: الواقف، ومجلس الجامعة. ومكانهما في الجمعية العامة وليس في مجلس النظارة ولا في الشركة الاستثمارية، ومجلس النظارة يشكَّل من خبراء في الاستثمار والحوكمة والمراجعة وليس من أساتذة الجامعة.
  4. يجب التعامل مع أوقاف الجامعة ككيان مانح، وليس كجمعية خيرية ولا مركز نشاط اجتماعي، ويقيَّم أداؤها بناء على قيمة أصولها وارتفاع إيراداتها.
  5. أفضل ممارسة للذراع الاستثماري لأوقاف الجامعة هي تأسيس شركة مساهمة قابضة تضمن مستوى حوكمة عال، ومرونة في اتخاذ القرارات الاستثمارية.


([1]) المقصود هنا المقر الإداري وليس مقر الأصول العقارية الاستثمارية للوقف، ولمزيد من التفاصيل يمكنك الاطلاع على مقال “الشخصية الاعتبارية للأوقاف” للمستشار عاصم العبيدي، عبر الرابط https://estithmar.org.sa/alshakhsiat-aliaetibariat-lilawqaf

([2]) لا يوجد فرق كبير – من وجهة نظري – في كون الواقف للوقف الأول هو الجامعة ممثَّلاً بمجلسها “وهي الممارسة المثلى”، أو كان الواقف شخصاً طبيعياً أوقف وقفه الأول بناءً على موافقة خطية من مجلس الجامعة، وفي كلا الحالتين يجب أن يَمنح الواقف صلاحيات التعديل على وثيقة الوقف لمجلس النظارة والجمعية العامة للوقف.
([3]) ينظر على سبيل المثال: مقال “محور تركيز حوكمة الوقفللأستاذ إبراهيم الخميس، عبر الرابط https://estithmar.org.sa/mehwar-tarkeez-hawkamat-alawqaf
مقال “حوكمة الأوقاف ضرورة أم ترف؟” للأستاذ إبراهيم الخميس، عبر الرابط https://estithmar.org.sa/endowment-governance
مقال “حوكمة أوقاف الجامعات”  للأستاذ إبراهيم الخميس، عبر الرابط https://estithmar.org.sa/hawkamat-awqaf-aljameat

([4]) مقال مدخلات بناء معايير حوكمة الأوقاف” للأستاذ. إبراهيم الخميس، عبر الرابط https://estithmar.org.sa/alshakhsiat-aliaetibariat-lilawqaf

انظر أيضا

خيارات النشر

لتحميل هذا المقال بصيغة PDF أو Word أو طباعتة وذلك بانقر فوق أيقونة أدوات النشر

آخر تحديث للصفحة:2024/07/17

كلمات ذات صلة: