محتويات المقال

الكاتب

المحامي أ.يوسف بن صالح السديس

نائب الرئيس التنفيذي

الأوقاف وضريبة التصرفات العقارية: متى تُعفى ومتى تُفرض؟

كثيرًا ما يرتاد أروقة العمل الوقفي سؤالٌ مفاده: هل تخضع الأوقاف لضريبة التصرفات العقارية كحال الأفراد والشركات؟ وتبدو الإجابة على هذا التساؤل لغزًا قد يتراءى للناظر على أنه متاهةٌ معقّدة، مما يعزز الحاجة إلى معرفة الموقف النظامي الدقيق للأوقاف في هذا السياق، ويجعله أمرًا يتطلب إدراكًا عميقًا للطبيعة القانونية والأطر التنظيمية التي تحكمها.

في هذه الأسطر يتضح لنا ببساطة ما يتعلق بهذا الشأن، ضمن حدود “التوضيح العام وبيان الفكرة وإزالة الإشكال في المفهوم”، دون أن يُعدّ ذلك استشارة قانونية متخصصة، تلك التي يجب دراسة كافة أبعادها من المستشارين المتخصصين، والذين يُنصح كثيرًا بالرجوع إليهم قبل الإقدام على أي تصرف عقاري؛ تجنبًا للمخالفات والغرامات، وحفاظًا على رسالة الوقف واستدامة عطائه.

ينبغي أن يُعلم أيها القارئ الكريم أن القاعدة في الإعفاء من ضريبة التصرفات العقارية ترتكز على طبيعة التصرف في العقار، لا على هوية المالك؛ إذ أن ضريبة التصرفات العقارية هي رسوم بنسبة 5%، تٌفرض على أي عملية تتم على العقارات داخل المملكة، سواءً أكان التصرف بيعًا أو شراءً أو هبةً أو مقايضةً أو نقلَ ملكيةٍ بأي صورة كانت، وتُسدَّدُ هذه الضريبة عادةً قبل توثيق التصرّف، ويتحملها البائع، وتشمل جميع أنواع العقارات: أرضًا كانت أم مبنى، سكنيًّا أم تجاريًا.

والأصل في ذلك أن الأوقاف -شأنها شأن غيرها من الأشخاص الاعتباريين- تخضع لهذه الضريبة، عند قيامها بأي تصرف عقاري ناقلٍ للملكية، إلا أن النظام استثنى عددًا من الحالات التي تٌعفى من هذه الضريبة، وجعل ضمن تلك الاستثناءات بعض التصرفات العقارية للأوقاف، وقد جاءت المادة (3) من النظام ولائحته التنفيذية لتوضح هذه الاستثناءات، وسأورد هنا ما يخص الأوقاف -بشكل مبسط-، وهي ما يلي:

  • إذا قام المتصرف مالك العقار بوقفه، فهذا تصرف معفى سواء كان وقفا خيريا، أو ذريا.
  • إذا أهدى شخصٌ عقارًا للوقف مباشرة، فهذه هبة معفاة من الضريبة مهما كان الواهب.
  • إذا كانت الهبة لصالح شركة أو صندوق مملوكَين بالكامل للوقف، فالإعفاء قائم أيضًا، بشرط أن يبقى الوقف مالكًا كاملًا للكيان مدة لا تقل عن خمس سنوات؛ ضمانًا لجدية التصرف وعدم استغلال الإعفاء كوسيلة للتهرب.

ولكي تكتمل الصورة وتتضح التطبيقات العملية لما سبق، فيما يلي بعض الأمثلة الواقعية التي تجسّد النقاط السابقة، وهي:

  • رجلٌ يوقف عقارًا: العمليّة هنا معفاة.
  • متبرعٌ يهب أرضًا للوقف مباشرة: فالعملية معفاة أيضًا.
  • عقارٌ يُمنح لشركة يملكها الوقف ملكية كاملة 100%: يُعفى التصرّف بشرط بقاء ملكية الوقف كاملة للشركة مدة خمس سنوات.
  • وقفٌ يبيع عقارًا تجاريًا ليشتري آخر: كلٌ من البيع والشراء خاضعان للضريبة، تمامًا كغيرها من التصرفات العقارية.
  • وقفٌ يخصٍّص وحدات سكنية للمستفيدين دون نقلٍ للملكية، بمعنى بقاء الوقف مالكا للوحدة، والمستفيد شخص أو جهة أخرى: هذا غير خاضعٍ للضريبة؛ لأنه ليس تصرفًا ناقلًا.
  • وقفٌ ينقل ملكية وحدات سكنية للمستفيدين كهبة: فالتصرف خاضع للضريبة؛ لأنه جرى لمصلحة أفراد، وليس لمصلحة الوقف، وهو تصرفٌ ليس من التصرفات المعفاة من الضريبة.

خلاصة القول

أن كلَّ تصرفٍ عقاريٍّ ناقل للملكية، سواءً كان من الوقف أو إليه، يخضع للضريبة ما لم يرد استثناءٌ صريحٌ في النظام، أما إذا كان التصرف لصالح الوقف مباشرة ودون مقابل، فهو معفى من الضريبة إعفاءً كاملًا وبلا قيد، أما إذا كان التصرف لصالح شركات أو صناديق مملوكة للوقف، فإن الإعفاء يشترط فيه بقاء ملكية الوقف للكيان كاملة لمدة خمس سنوات.
وبذلك يتضح الإطار النظامي لضريبة التصرفات العقارية في الأوقاف، وسيأتي الحديث عن ضريبة القيمة المضافة للأوقاف في مقال مستقل لاحقًا بإذن الله تعالى.

كلمات ذات صلة: